سيارات القصر الجمهوري في السودان.. رموز سياسية صامدة تحت أنقاض الحرب

في قلب العاصمة الخرطوم، وتحديدًا داخل القصر الجمهوري الذي يعود تاريخ تشييده إلى العام 1832، تقف سيارات رئاسية فاخرة شاهدة على فصول متقلبة من تاريخ السودان السياسي. هذه المركبات التي تحوّلت مع مرور الزمن إلى مقتنيات متحفية، عاشت كما عايشت البلاد نفسها، تقلبات من ديمقراطية هشة إلى فترات عسكرية طاغية، إلى أن باغتتها الحرب في أبريل 2023 لتطالها يد الدمار.

من رموز السيادة إلى آثار حرب

طرازات نادرة مثل “رولز رويس”، “BMW”، و”الهمر” وغيرها من السيارات الفارهة التي أُهديت لرؤساء السودان على مدى عقود، كانت تقبع في مرأب القصر خلف جدران زجاجية. ومع اجتياح قوات الدعم السريع للمبنى التاريخي، تحوّل هذا المكان إلى ركام؛ بعض السيارات نُهبت وأخرى تهشّمت واجهاتها ومعدنها الخارجي.

ويقدّر خبراء أن قيمة بعض هذه السيارات تتجاوز 2 مليون دولار، لكنها تعرضت لسرقة محتوياتها وتخريب ممنهج. مصدر حكومي تحدّث لـ”الترا سودان” مشيرًا إلى أن ما حدث كان محاولة لطمس رموز “الدولة القديمة” وما تمثله هذه المركبات من إرث تاريخي ورمزي.

الجيش يستعيد القصر.. والحكومة تخطط للترميم

في مارس 2025، نجحت القوات المسلحة السودانية في استعادة القصر الجمهوري، مُعلنة بذلك نهاية فصل دامٍ من سيطرة الميليشيا على هذا المعلم السيادي. ومنذ ذلك الحين، تسعى السلطات إلى إعادة تأهيل الموقع والمقتنيات المتضررة.

وقد أكد الفريق محمد يوسف الغالي، الأمين العام لمجلس السيادة، أن الحكومة بصدد ترميم القصر، باعتباره رمزًا لسيادة السودان وهيبته، مشددًا على أن العمل سيُراعى فيه الحفاظ على الموروث الثقافي والتاريخي.

مخاوف من إسناد الترميم لجهات غير مؤهلة

رغم الإعلان الرسمي، عبّر ناشطون ومثقفون عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن مخاوفهم من تولي شركات لا تمتلك الخبرة الكافية عمليات الترميم الحساسة لمتحف القصر والسيارات ذات القيمة التاريخية، مؤكدين على أهمية إشراك خبراء دوليين في هذا المجال.

الأسطول الرئاسي.. بين الفخامة والرمزية

على مدى سنوات، كان القصر الجمهوري يُحدّث أسطوله لمواكبة تطورات البروتوكول والدبلوماسية، خصوصًا خلال حقبة الرئيس المخلوع عمر البشير. ومع أن بعض المركبات، رغم قدمها، كانت لا تزال صالحة للاستخدام حتى عام 2023، إلا أن الحرب وضعت حدًا لهذا الإرث الفريد.

ختامًا: ترميم التاريخ جزء من مستقبل السودان

الدمار الذي لحق بمركبات القصر الجمهوري لا يمثّل فقط خسارة مادية، بل يُعد مساسًا مباشرًا برمزية الدولة السودانية وتاريخها الحديث. ومع عودة الجيش إلى القصر، تُفتح صفحة جديدة لإعادة الاعتبار لمعلم سياسي وثقافي مهم، يعكس ماضي البلاد وتطلعاتها نحو مستقبل أكثر استقرارًا.

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top